إشارات إيجابية حملتها تصريحات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الأخيرة بشأن لقاءات على مستويات عليا مع الجانب المصري.
وقال الرئيس التركي، مساء أمس الاثنين، إنه “لا مانع من إقامة اتصالات ولقاءات على مستوى رفيع مع مصر”.
وأضاف أردوغان، في لقاء مع قناة “تي.آر.تي” التركية، أنه “لا يوجد مانع من إجراء اتصالات ولقاءات على مستوى عالٍ مع مصر”، معتبرا أن “لقاءات تحسين العلاقات مع مصر مستمرة، ولا عوائق كبيرة تمنع ذلك”.
وفي شأن آخر، أكد الرئيس التركي أن “مساعي تطوير العلاقات التركية مع المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة مستمرة”.
وجرت تفاهمات كبيرة بين الجانبين المصري والتركي خلال الأشهر الأخيرة لكنها لم ترتق للقاءات على مستويات عليا.
لكن تهدئة التوترات باتت واضحة خلال العامين الماضيين، خاصة بعد أن اتخذت حكومة أنقرة قرارات بتقييد عمل القنوات التابعة لقيادات تنظيم الإخوان المقيمين على أراضيها، وهو الملف الذي كان السبب الرئيسي للخلاف بين الجانبين منذ سنوات، قبل أن يدخل الملف الليبي على خط الأزمة، فضلا عن ملف غاز شرقي المتوسط.
وقفز معدل التبادل التجاري بين البلدين العام الماضي بمقدار الثلث وبقيمة تصل إلى 1.6 مليار دولار إضافية إلى حجم التبادلات التي وصلت إلى 11.14 مليار دولار، بحسب إحصاءات رسمية.
الزيارة الأخيرة التي أجراها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للسعودية في أبريل/ نيسان 2022، فتحت الباب أمام التقارب العربي- التركي بشكل أكبر، لكن الخبراء يرون أن البوابة الحقيقة تبدأ عبر إعادة العلاقات بشكل رسمي مع القاهرة.
من ناحيته، قال المحلل السياسي التركي، جيواد غوك، إن “تركيا بحاجة إلى تطبيع العلاقات مع مصر، خاصة أن الشعب التركي غير راض عن أداء الحكومة التركية”.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك“، أن “الشعب التركي والمعارضة يرغبون في تغليب مصلحة تركية على مصلحة وأيدولوجية الحزب الحاكم، خاصة أن التصريحات الإيجابية دائما لا تتبعها خطوات عملية”.
وأشار إلى أن “مصر تمثل أهمية كبيرة بالنسبة للسعودية الإمارات والعلاقات معها يمكن أن تدفع بالعلاقات مع الخليج للأمام”.
وفيما يتعلق بالقصف التركي على العراق، يرى غوك أنه “لن يؤثر على تطبيع العلاقات مع الدول العربية بشكل مباشر، خاصة أن تركيا مصممة على تحسين العلاقات مع دول الخليج”.
ولفت إلى أن “أنقرة لن تترك الأمر مع العراق بهذا الشكل، حيث أنها ستأخذ خطوات جادة وتصحيح أي خطأ حال وقوعه من الجيش التركي، وأن عليها أن تعمل على إصلاح الخطأ”.
فيما قال الباحث المصري في الشأن التركي، كرم سعيد، إن “تصريحات الرئيس التركي لا تنفصل عن التقدم على مستوى العلاقات بينها وبين دول الخليج خلال الفترة الماضية”.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك” إن “تركيا تتجه لتعزيز العلاقات مع القاهرة والبناء على المشاورات الاستكشافية التي جرت العام الماضي”.
وحول دوافع التصريحات الأخيرة للرئيس التركي، يرى سعيد أنها “متصلة بالضغوط الغربية عليها خاصة من الجانب الأمريكي، وحالة التوتر المكتوم بين تركيا وبعض الدول الأوروبية”.
ويعتقد سعيد أن “التصريحات تأتي في إطار محاولة الجانب التركي تجاوز الأزمة الاقتصادية التي تعيشها في الداخل، عبر الانفتاح على الأسواق العربية، وخاصة السوق المصري”.
وبحسب سعيد، فإن “الرئيس التركي يسعى للقفز على حالة الاستقطاب في الداخل التركي، وتهيئة الأجواء لانتخابات العام 2023، عبر إدارة الملف بشكل جيد مع الدول العربية”.
وفيما يتعلق بمستوى التفاهمات بين البلدين، يقول كرم سعيد إن “العديد من الملفات جرى التفاهم بشأنها، منها ملف جماعة الإخوان، والتنقيب في شرق المتوسط، خاصة أن القاهرة راعت الحدود التركية عند طرحها رخص التنقيب قرب سواحلها”.
كما جرت تفاهمات بشأن الملف الليبي بين الجانبين، باعتبارها الورقة الأهم للجانب المصري، حسب سعيد.
مؤخرا اتخذت تركيا خطوات وصفتها القاهرة بـ “الإيجابية”، خاصة بعد أن أوقفت أنشطة “الإخوان” الإعلامية في تركيا.
كما منعت أنقرة إعلاميين تابعين للتنظيم، لكن هذه الإجراءات لن يترتب عليها أي إعلان عن لقاءات على مستويات عليا حتى الآن.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2021، قال وزير الخارجية المصرية، سامح شكري، إنّ الجولة الاستكشافية الأخيرة التي عقدت مع تركيا تناولت العلاقات الثنائية.
وأضاف خلال مداخلة هاتفية مع برنامج “الحكاية”، المذاع على فضائية “إم بي سي مصر”، حينها: “نقيّم حاليًّا حجم الالتزام بمبدأ الاحترام وعدم التدحل في الشؤون الداخلية”.
وتابع: “الأمر لم يصل بعد إلى خطوة قادمة.. لكن هناك قدرًا من التقدم نأمل أن يتم البناء عليه”.
المصدر: سبوتنيك