د. شهاب المكاحله
يكثر الحديث في هذه الآونة بين المفكرين الغربيين والسياسيين عن “الدول الجديدة” ويقصد بها: “ليبيا الجديدة” و”اليمن الجديد” و”السودان الجديد” وربما يتوسع الأمر ليطال دولاً عربية أخرى. لكن ما هو سبب انتشار هذه المصطلحات بينهم ولما هذا التوقيت؟
إذا ما عدنا الى التاريخ الحديث قليلاً إلى الوراء نجد أنه يشاع الخبر أولاً قبل الحدث لأن الإشاعة تساهم في تحقيق الحرب النفسية وتعبيد الطرق لتحقيق الغايات والمرامي المزمع تحقيقها على كافة الأصعدة. لذا، فإن مصطلح السودان الجديد بدأ قبل انفصال السودان إلى ما هو عليه الآن وتشكيل كيان آخر جنوبه يعرف باسم جنوب السودان كما أن مصطلح ليبيا الجديدة ظهر في بدايات العام 2010 في عدد من الكتابات الغربية. اما مصطلح اليمن الجديد فظهر في العام 2006.
إذا الدول التي أطلق عليها اسم “الجديد” شهدت تجديداً مزق وحدتها كما أن هناك دولاً لن أذكرها هنا قد نشرت في الوثائق الغربية تحت اسم “الدول العربية الجديدة” وهي 9 دول. ذكرتُ منها ثلاثاً.
هل نعي يوما أنهم يخططون لنا ما سنكون ونحن نحقق تلك الرؤية لهم من حساباتنا البنيكة ومن أرواحنا ودمائنا وتضحياتنا بالغالي والنفيس لأننا بكل بساطة لا نعرف أن نخطط لأنفسنا أو كما قال لي احدهم في محاضرة في إحدى الجامعات البريطانية المرموقة: “أنتم تستهلكون كل شيء حتى أفكارنا. وعليكم أن تبقوا هكذا لأن في صحوتكم قضاء علينا.”
لو عدنا الى حرب ايران والعراق من العام 1980-1988، لوجدنا أن أسبابها غير مقنعة للكثيرين حتى وإن كان الخلاف على الحدود من أجل إيقاف المد الشيعي إلى الدول العربية لان السؤال المطروح هو: مع من كانت الدول الكبرى في ذلك الوقت؟ ومع من كانت إسرائيل؟ كم كانت كلفة تلك الحرب؟ وكم بلغ عدد القتلى والمشردين؟ ولماذا دُمر العراق؟ ولماذا أدخل في حرب لاحقة إثر احتلال الكويت؟ ولماذا سُمح لإيران عقب الانسحاب الأميركي بدخول العراق؟ ومن سمح لها؟ ولماذا استعرت الحرب الأهلية في سوريا فجأة ودون سابق إنذار؟ ولماذا استعرت في ليبيا؟
إن المستفيد من تلك الحروب ليسوا أفراداً بل مافيات السلاح العالمي والتي تتخذ من أوروبا وأميركا مقرا لها. هم يعتاشون وينتشون وينتعشون باندلاع الحروب لأنهم باختصار مصاصو دماء يغتنون بالحروب وهم أنفسهم من يملكون شركات التأمين العالمية والبنوك الرئيسة.
ذات يوم، قالت جوتل شنابير، زوجة ماير أمشيل روتشيلد وأم لأبنائه الخمسة: “إذا أراد أبنائي اندلاع حرب في أي مكان من العالم، فإنها ستحدث لا محالة فلا مناص لأنهم يرون ما لا يراه الآخرون.”
هم يخططون ونحن ننفذ، هم يخيطون لنا ونحن نلبس ما يحيكون، هم يُغَنون ونحن نرقص على أنغامهم، نناطح الفضاء ونتطاول بالبناء وعقولنا جوفاء، لا نملك إرادة إدارة الموقف والأزمة وكل مسؤول يتهرب من مسؤوليته ويعلقها على غيره ممن سبقوه وفي القريب سيحيلها على من سيخلفه في المستقبل.
نحن اليوم امام 6 دول أخرى ستطالها صفة “جديد او جديدة” عما قريب إن نفذت تلك الدول مخططاتها كما رُسمت.
رأي اليوم