حثت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، وزير التجارة الأمريكي ويلبر روس، على بدء تحقيق فيما وصفوه “الإغراق المفرط للنفط من قبل روسيا والمملكة العربية السعودية”.
وأشار أعضاء مجلس الشيوخ إلى أن تصرفات السعودية وروسيا أضافت صعوبات غير مسبوقة إلى منتجي النفط والغاز الأمريكيين وآلاف من عمالهم.
وفي وقت سابق، دعا السيناتور كيفين كرامر، الذي وقع أيضًا الرسالة إلى روس، الرئيس دونالد ترامب إلى حظر واردات النفط من روسيا، وكذلك من السعودية ودول أوبك الأخرى.
في هذا الصدد أخبر الخبراء “سبوتنيك” لماذا تُطرح هذه المسألة في الأوساط السياسية الأمريكية الآن، وكيف سيكون رد فعل روسيا والمملكة العربية السعودية على مثل هذه التصريحات.
مطالبات غير متوقعة
الخبير النفطي الدكتور السعودي محمد سرور الصبان قال:
“نستغرب من أمريكا أن تطلب هذا الأمر، لأنها طلبت في السابق أن تترك الأسواق لتحدد الأسعار دون تدخل من المنتجين، والآن روسيا والمملكة العربية السعودية تركتا هذا الأمر للأسواق، وبالتالي المطالبة بمقاضاة روسيا والسعودية أمر غير مقبول ويتنافى مع مبادئ حرية التجارة العالمية، وكنا نعذرهم حينما كانوا يقولون بأن أوبك تحدد الأسعار وإن لم تكن هي من تحددها، وبالتالي كان هناك قانون “نوبك” الذي بموجبه يقاضي دول أوبك، أما الآن تركت السوق من دون تدخل، وأنتجت كل دولة كامل طاقتها الإنتاجية، وهذا هو مبدأ حرية الأسواق، فكيف نلوم هذه الدول لاتباعها لهذا النهج”.
وأضاف: أنا لا أعتقد فالوضع اختلف الآن، فالخلاف الأخوي هو الآن بين منتجين كبار وهم روسيا والمملكة العربية السعودية، وروسيا ذكرت قبل يومين بأن ليس هناك مبرر لتدخل أية دولة في هذا الخلاف والاختلاف مع المملكة العربية السعودية، والكل يتوقع أنها مبادرة جيدة، وأن روسيا والمملكة العربية السعودية ودول أوبك سيعودون إلى طاولة المفاوضات، لتبني قرار ينقذ الأسواق من أي إغراق قادم، وأنا لا زلت متفائل وهناك اتصالات غير رسمية، بين الدولتين، أرجو أن تؤتي ثمارها”.
الجهود الأمريكية للمستهلك الداخلي وليس للخارج
بدوره، يعتقد مدير استراتيجية شركة الاستثمار FINAM، الدكتور في الاقتصاد ياروسلاف كاباكوف أن الولايات المتحدة في هذه الحالة تتجه لحماية مصالح مواطنيها أكثر من السعي للحفاظ على صورتها كزعيم عالمي.
ويقول: “بصراحة، لا أعتقد أن الولايات المتحدة تحاول الآن تخويف شخص ما أو تذكر بأنها المسؤول عن الساحة العالمية. القضية الرئيسية هي أن الأسعار الحالية تؤدي إلى انخفاض حاد في إنتاج النفط الصخري الأمريكي. لذلك، من المحتمل أن ينخفض إنتاج النفط الأمريكي بشكل عام إلى مستوى قياسي منخفض: وبناءً على ذلك، سيتم أيضًا تخفيض موظفي الشركات العاملة في قطاع النفط. وبما أن أعضاء مجلس الشيوخ يعتمدون، أولاً وقبل كل شيء على ناخبيهم، الذين يعانون من أسعار النفط الحالية، فإنهم يحاولون حماية مصالح مواطنيهم”.
وفي حديثه عن الإجراءات المحتملة من الجانب الأمريكي، أضاف الخبير الروسي: “لا أعتقد أنه سيخضع لعقوبات محددة من حيث الحجم المادي ضد الجانبين الروسي أو السعودي. ولكن نحن أمام حماية إنتاجنا النفطي، وما زلنا نتطلع إلى التوصل إلى اتفاق”.
رد فعل روسيا
يعتقد ياروسلاف كاباكوف أن روسيا لن ترد بجدية على المزاعم الأمريكية. علاوة على ذلك، ليس لديهم (الأمريكان) أساسًا لمزاعمهم.
وقال: “أعتقد أن رد فعل الجانب الروسي سيكون بسيطًا جدًا. على الأرجح، سيقتصر حتى على التصريحات التي تفيد بأننا لا نشارك في الإغراق (في الواقع لم نفعل ذلك)، السعودية فقط هي التي تقوم بالإغراق علانية الآن، المملكة صديق قديم للولايات المتحدة، ولن يلوم الجانب الأمريكي السعوديين بكل بساطة. لهذا السبب قررت الولايات المتحدة إضافة روسيا إلى هنا”.
رد فعل السعودية
حول هذا رأى الصبان أن: “تحتاج التصريحات الأمريكية إلى رد، وحبذا لو يترجم كلامي إلى اللغة الروسية، الرد هو أن تلتئم الدولتان وتعود إلى طاولة المفاوضات، وأن تتفق من جديد في ظل تنازلات متبادلة لمصالحهم الخاصة، ومصالح بقية دول أوبك، لأنه مهما انخفضت أسعار النفط وتأثر النفط الصخري في الفترة القصيرة لعدم تأقلم تكلفة إنتاجه مع الفترة القائمة، فإنه يعود من جديد كما حدث عام 2014 إلى الأسواق وبقوة أكبر مما كان عليه، ولا نراهن على خروج النفط والغاز الصخري من الأسواق نتيجة لهذا الإغراق الذي تم بين المنتجين”.