قبل بزوغ النهار تبدأ معاناة آلاف العمال الفلسطينيين ورحلتهم مع الخوف والقلق بحثاً عن لقمة عيش كريمة، فمنذ وصولهم إلى الحواجز والمعابر الإسرائيلية تبدأ رحلة الانتظار والتفتيش للسماح بدخولهم إسرائيل أو الرفض والرجوع بخيبة أمل.
يعمل 142 ألف فلسطيني داخل إسرائيل، ويعاني الكثير منهم بسبب رفض منح تصريح الدخول، حيث يمكن أن يخبره الجندي أو المسؤول الإسرائيلي على المعبر بأن هناك مشكلة في تصريحه وعليه مراجعة ما تسمى بـ “الإدارة المدنية” ليعود أدراجه ويمضي أياماً في محاولة فهم المشكلة.
ويقول محمود قفاف وهو عامل فلسطيني يحاول اجتياز معبر الطيبة غرب مدينة طولكرم إن وقت افتتاح المعبر هو مشكلة بحد ذاتها فعلينا أن نكون متواجدين عند الساعة الرابعة والنصف صباحا وإن لم تكن جميع البوابات مفتوحة فإن الاكتظاظ والتزاحم سيكون كبيرا ولا يسمح لنا بإدخال كثير من المواد أو الأطعمة.
العمل في إسرائيل يتم عن طريق عدة إجراءات، فالبحث عن مشغل هو الأمر الأصعب لعمل تصاريح ومن ثم دخول المعابر الذي يتم بمراحل ومنعرجات وعوائق “حديدية” وممرات ضيقة لا تتسع أعدادهم الهائلة وأسلاك شائكة على جانبي الممر بطول عدة أمتار وجدران إسمنتية تنتهي بما يطلق عليه العمال “المعّاطة”، وهي جهاز لف دائري يجبر العامل على اجتيازه بعد التدقيق الأولي في أوراقه، ثم يمر العامل الى غرفة التفتيش وبعد اجتياز الفحص الأولي يأتي الفحص من خلال البصمة باليد والعين، ثم التفتيش الجسدي باستخدام آلة خاصة تشعر العامل وكأنه في قفص الاتهام، ثم بعدها يسمح له بالدخول أو العودة مرة أخرى.
ويقول ناجح أبو الوفا وهو عامل فلسطيني يعمل في مجال البناء رغم التغير الحاصل على المعابر الاسرائيلية إلا أنها ما زالت عائق كبير أمام حركة آلاف العمال وتشعرنا بالتوتر والضيق لكننا مضطرين لتحصيل لقمة العيش في ظل وضع اقتصادي صعب.
الأجر الذي يتقاضاه العمال الفلسطينيون داخل إسرائيل مرتفعة مقارنة مع العمل في الضفة الغربية، ولكن ظروف العمل في إسرائيل هي الأصعب فبعد أن يجتاز المعبر يمكن أن يتركه المشغل الإسرائيلي بحجة أنه تأخر عن الوصول، وكذلك فإن الحقوق التي يحصلون عليها أقل بكثير من التي تعطى للعمال الإسرائيليين، سواء من ناحية الأجر أو الإجازات.
ويقول أحمد مقبل، وهو ينتظر دوره للمرور على معبر الطيبة غربي طولكرم إن العاملين الفلسطينيين في المصانع الإسرائيلية أكثر من النصف، ونتعرض للاستغلال من المشغلوكذلك من التمييز وحتى بالأعياد نضطر للتوجه للعمل، ونتحمل كل ذلك ونضحي بأنفسنا من أجل قوت أطفالنا.
ويعاني آلاف العمال الفلسطينيين الذين يدخلون للعمل في إسرائيل دون تصاريح، من معاناة مضاعفة، فهم مضطرون للتعايش مع الرعب والخوف طوال الوقت. بالإضافة إلى أن رحلة دخولهم للعمل شاقة جدا ومحفوفة بالمخاطر، فيمكن أن يطلق الجنود النار عليهم فور محاولتهم القفز عن جدار الفصل، ويمكن أن يلقى القبض عليهم ويتعرضون للضرب المبرح والسجن ويدفعون غرامات مالية باهظة، وفي أحسن الأحوال يوقّعون على تعهدات بعدم الدخول لإسرائيل تحت طائلة السجن لفترة طويلة ودفع غرامات مالية كبيرة.
المصدر: سبوتنيك