الأزمة اللبنانيّة عززت حضورها مؤخراً في أولويات الاهتمام والنقاش السياسي والعسكري و الإعلامي الإسرائيلي، الذي أشار إلى أن سقوط لبنان يقرّب إسرائيل من الحرب، فيما رئيس الحكومة الإسرائيلي يؤكد بقاءه على تأهب.
تطوّرات الأزمة اللبنانيّة عززت حضورها في أولويات الاهتمام والنقاش السياسي والعسكري و الإعلامي الإسرائيلي العام.
الأزمة بدلالاتها ونتائجها وانعكاساتها حضرت على طاولة الحكومة الإسرائيلية في جلستها الأسبوعية اليوم الأحد، و في تقديرات المؤسسة الأمنية والجيش الإسرائيلي، وفي الخطاب الاعلاني. وعلى تنوع مروحة العناوين التي شكلت مادة النقاش، يجري التركيز على انعكاسات الأزمة في الفرص والتهديدات التي تتيحها لكل من “إسرائيل” ومحور حزب الله – إيران.
تركّزت القراءة والتقديرات على تحليل مآلات الأزمة ونتائجها، مخاطرها وفرصها، كما طرحت بعض التوصيات لزيادة الفرص أو تقليل الضرر بالنسبة لإسرائيل. وكالعادة لم تخلُ أدبيات النقاش من جرعة التحريض على حزب الله، عبر تحميله مسؤولية كليّة أو جزئية عن الواقع المأزوم الذي وصل إليه لبنان.
دخول على خط الأزمة
دخلت “إسرائيل” بأعلى مستوياتها على خط الأزمة في لبنان عبر موقف أطلقه رئيس الحكومة نفتالي بينت، خلال جلسة حكومته الأسبوعية اليوم الأحد، هو الأول له بهذا الشأن بعد أن كان سبقه وزير الأمن بني غانتس، عندما أعلن قبل أسبوع تقريباً استعداد “إسرائيل” لتقديم مساعدة للبنان، قال إنها مساعدة إنسانية.
وتطرق بينت إلى الوضع في لبنان قائلاً: “كما كل الدول التي تسيطر عليها إيران، هذه المرة مواطنو لبنان يدفعون ثمناً باهظاً. نحن نتابع الوضع عن كثب وكذلك أيضاً وزير الأمن ووزير الخارجية، وسنظل في حالة تأهب”.
التقديرات الأمنية: قلق وترقب
ينقل معلّقون عسكريون عن المؤسسة الأمنية تقديرات مفادها أن الأزمة اللبنانية، من جهة تنطوي على إمكانية تهديد (لإسرائيل)، ومن جهة ثانية تشكّل فرصة لحزب الله وإيران، “للظهور كمُخلّصَين للبنان أو تشجيع حزب الله على السيطرة علناً على ما تبقى من الدولة اللبنانية”.
في المقابل، يوجد في “إسرائيل” من يرى في الأزمة فرصة لإبعاد حزب الله من مكانته المركزية في لبنان.
وبحسب معلقين، فإن كل السيناريوهات التي يُتابعها الجيش الإسرائيلي مقلقة، ومنها “توسّع مناطق الحكم الذاتي تحت سيطرة حزب الله، وصولًا إلى سيطرة علنية وشاملة بدعمٍ من إيران”.
أما “بارقة الأمل” للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية فتتمثل في أن تقيّد الأزمة حزب الله.
معلق الشؤون العسكرية في موقع “والاه” أمير بوحبوط ، أشار إلى أن الانهيار الاقتصادي الشديد في لبنان والفراغ الحكومي الذي نشأ في الدولة يدخلان المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في حالة استنفار.
وأضاف أنه “بينما تعمل إيران وحزب الله على توسيع موطئ قدم في لبنان، يحذر مسؤول أمني كبير إسرائيلي من الوضع المتفجر الذي وصل إليه لبنان مما يقرب إسرائيل من المواجهة مع جارتها”، حسب قوله، محذراً من لأن “حرب لبنان الثالثة هي مسألة وقت”.
وأشار المصدر نفسه إلى عدد من الأحداث الخطيرة التي شهدها لبنان العام الماضي، أبرزها استمرار تطوير وتقدم مشروع الصواريخ الدقيقة لحزب الله الذي يهدد الجبهة الداخلية الإسرائيلية بشكلٍ عام ومنشآت استراتيجية مثل محطات الكهرباء والبنية التحتية للمياه ورموز حكومية على وجه خاص.
في موازاة ذلك، “يواصل حزب الله التسلّح بمنظومات دفاع جوي تهدد حرية عمل سلاح الجو الإسرائيلي في المجال الجوي اللبناني والمنطقة، و هذه قضية مقلقة جداً”، بحسب المسؤول الإسرائيلي الكبير.
مسألة أخرى تقلق جداً المؤسسة الأمنية، بحسب بوحبوط، تتعلق بالجيش اللبناني. بوحبوط نقل عن المصدر الأمني نفسه، القول إن تفكك الجيش اللبناني بسبب المشاكل الحالية سيعزز حزب الله ويساعده على السيطرة على منظومات أسلحة مثل الدبابات والطائرات وأسلحة أخرى.
وكشف المصدر الكبير أنه تم إرسال رسائل إلى كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية مفادها أن على الولايات المتحدة أن تدعم وتقوي الجيش اللبناني لمنع حصول فراغ أمني آخر سيدخل فيه حزب الله وإيران بسرعة.
المصدر الأمني تطرق أيضاً إلى الاستعداد المتوقع من جانب الجيش الإسرائيلي في حال نشوب حرب مع حزب الله، وقال إنه على الجيش تعزيز قدراته، لاسباب عديدة من بينها القدرات الفتاكة لدى حزب الله وتعقيدات المواجهة المسلحة في دولة تفرض تنفيذ مناورة برية عميقة.
ووفق كلام المصادر الأمنية فإن التطورات في لبنان تفرض على المستوى السياسي الحسم في الكثير من القضايا التي ترتبط ببناء قوة حزب الله الذي يتلقى مساعدة مستمرة من إيران.
المساعدة الإسرائيلية: مقترح طنان
“الفرصة” التي تُتيحها الأزمة لإسرائيل، “لفتح صفحة جديدة مع لبنان”، فتحت الباب لإعادة التذكير بما أسماه معلقون “اللفتة العلنية” لوزير الأمن بني غانتس لمساعدة لبنان، فهي – برأي معلقين – مجرّد “مقترح طنّان في وقت تطلب “إسرائيل” في الغرف المغلقة من أصدقائها عدم تحويل الدولارٍ إلى لبنان طالما أن حزب الله يواصل إقامة مصانع صواريخ دقيقة في قلب بيروت”.
ويضيف المعلّقون أن “إسرائيل تؤيد مساعدة إنسانية للجيش اللبناني الجائع، لكنّها تطلب عدم تزويده بوسائل قتالية إضافية يمكن أن توجّه نحوها”.
في المقابل أشار معلّقون إلى أن “حزب الله لن يسمح للدولة اللبنانية بالحصول على مساعدة من إسرائيل. فهذا مسٌ بكرامتهم، نافذة أيضاً لموطئ قدم إسرائيلي في بيروت، من وجهة نظرهم (حزب الله)”.
ويشير آخرون إلى أن السيّد “نصر الله يدفع لاختراق إيراني في لبنان، بهدف جعلها القوة الأجنبية المؤثرة في بلد الأرز”، في حين ترى إسرائيل أن “اختراق إيراني مهم في لبنان يشكّل مصدر قلقٍ كبير لها،خاصّة مع عدم القدرة على منعه”.
قلق من الحضور الروسي
أشار معلقون إلى أن إحجام الغرب ودول الخليج عن تقديم المساعدة للبنان لمنع وقوعه نهائياً في قبضة حزب الله وإيران، وفي الموازاة عدم قدرة إسرائيل على التدخّل مباشرة للمساعدة، يوجِد تحدياً جديداً لإسرائيل، تحدٍ يتمثل في تقييد حركتها العسكرية في لبنان في حال ملأت روسيا والصين الفراغ.
ويُشير معلّقون إلى أنه “من اليوم إسرائيل مرتدعة عن العمل علناً ضد حزب الله في لبنان، نصب وتدٍ روسي أيضاً في هذا البلد يمكن أن يضيّق أكثر على خطوات إسرائيل” (ضد حزب الله).
معلقون لفتوا إلى أنه دخل إلى الملعب اللبناني الصين وروسيا وعرضوا على لبنان استثمارات كبيرة مثل إعادة إعمار الموانىء البحرية وإقامة محطات تكرير للنفط وبنى تحتية للكهرباء.
هكذا وضع سيحرم “إسرائيل”، بحسب المعلقين أنفسهم، من اكتساب مزيد من السيطرة على ما يحدث في لبنان، لأن هذا الوضع معقد قبل دخول روسيا والصين إلى لبنان وخصوصا على خلفية تلقي الحكومة الإسرائيلية الضعيفة التعليمات من الإدارة الأميركية. ولهذا السبب يجب على “إسرائيل”، برأيهم، أن تبلور استراتيجية عمل على عجل وتنفيذها سريعاً بحزم وحذر.
توصيات
قدّم خبراء ومعلقون جملة من التوصيات يرون أن على “إسرائيل” القيام بها:
- على “إسرائيل” أن تصوغ استراتيجية خاصّة بها تجاه لبنان. تقديم مساعدة إنسانية عبر تجنيد جهة وسيطة تفحص بحساسية ما إذا كان هناك جدوى من المساعدة. يجب فحص حجم الميزانية التي ستُخصص لذلك، استبيان الاحتياجات لدى المحتاجين، وإيجاد السبيل الهادئ لنقلها.
- “إقناع الدول العُظمى بالمساهمة في المساعدة لا يقل أهمية عن إرسال شحنات مواد غذائية”.
- “على “إسرائيل” طلب تدخّلٍ مكثف من دول الاتحاد الأوروبي”.
- “على “إسرائيل” أن تُحذّر العالم من نتائج الاختراق الإيراني، وكذلك انتهاج سياسة فعّالة وعلنيّة من أجل محاولة تقليص التهديد من الشمال”.
- “قد يوفّر أصدقاؤنا المقرّبون في الإمارات والبحرين والمغرب والسودان وسيلة لمساعدة لبنان في هذا الوقت العصيب”.
- المصدر: الميادين نت