بقلم عمار براهمية
تستعيد تونس عافيتها ذاتيا وبقرارات سيادية لبناء مؤسساتها بتماسك وانسجام حسب الضرورة التي املتها تجربتها السابقة حين كانت الدولة التونسية تواجه تحديات التداخل في الصلاحيات القانونية وما نتج عن ذلك من صعوبات ممارسة السلطة والمسؤولية، التي كانت من الاسباب المباشرة في فتح الباب امام محاولات الضغط الخارجي بالمداخل الاقتصادية والتصنيفات الائتمانية السلبية المقوضة لفرص الحصول على التمويلات الضرورية من البنوك والهيئات المالية الدولية
وكل ذلك لتعقيد مهمة ترسيخ الحلول الوطنية التي تحتاج للاستقرار الاجتماعي والتعافي الاقتصادي، وهذا اكبر تحدي تعيشه اغلب الدول العربية، بعيدا عن كذبة الديموقراطية التي اعطت للشعوب العربية نخبا خائبة تتباهى بالعمالة وتستقوي بالولاء لغير دولها الوطنية، والغريب ان هذه النخب اصبحت تشكل نكبة حقيقية وهي تتفنن في التباكي والتحسر على مصالح دول اجنبية وكانها تمثل جاليات لها، لكن ليست في الخارج بل من الداخل، ولها مخططات خطيرة مبنية على أفكار مسمومة عابرة للاوطان، وكأنها مشاريع تخريب موقوتة وانتقامية،
لتصل الضغوط الى مستوى اعتماد تقارير غير دبلوماسية من بعض السفراء والقناصلة الذين يروجون لتدخلاتهم بمداخل غير واقعية بغطاء اولوية احترام الدستور، وكأن الشأن الداخلي مرهون بهذه التدخلات المرفوضة على لسان الرئيس التونسي قيس سعيد، الذي عبر عن تمسك بلاده بسيادتها المسنودة بالارادة الشعبية القوية لصالح خيارات تونس الحرة والمستقلة التي لها اولوياتها الداخلية ولن تقبل أبدا بالاملاءات الخارجية، ولا ترحب بتدخلات القناصلة والسفراء الذين يزايدون على خيارات تونس بقصد لتعقيد وتأزيم الاوضاع الداخلية،
هذه المواقف التونسية الواضحة ستكون بمثابة المنطلق السيادي في الدفاع عن الدولة ورفض أي تدخلات خارجية لانهاء تبعات التجاذبات السلبية الموجهة خارجيا في غير صالح الشعب التونسي وضد استقرار بلاده، فمتى تنتهي حملة تشويه الحلول الذاتية في الاوطان العربية؟
فمثلا كان في التصريح الأخير للرئيس التونسي دلالة واضحة عن رفض التدخل التركي بقوله – لا ننتظر فرمانا من أحد ( في اشارة واضحة لايام الدولة العثمانية وقوانين سلاطينها)، كما أكد ان تونس ليست ايالة وفي ذلك ايضا تعبير عن امتعاض رسمي من طريقة التعامل التركية ومن كل المحاولات الأخرى الرامية الى المساس بسيادة تونس وباستقرار اوضاعها السياسية، ليكون خيار تونس السيادي واضحا بالرفض المطلق لأي تدخل خارجي فيه فرض لحلول ليست وطنية ولا تستند لواقع ومتطلبات تونس الداخلية،
خاصة وأن حل البرلمان في تونس والاحتكام للارادة الانتخابية تحت رقابة هيئة مستقلة اقلق كل تجار الديموقراطية الذين لهم تكوين سياسي مرتبط بالمسارات الخارجية اكثر من متطلبات الشعوب وطموحاتها في حياة كريمة ومستقرة بعيدا عن الخضوع لاوهام الامبراطوريات التوسعية.