كان الصينيون يدرسون حركة الشمس بالنسبة للأرض ويصقلون تقنيات البناء الشمسي الخاصة بهم
أظهرت دراسات وأبحاث حديثة أن البشر استخدموا “الطاقة المتجددة” أو “الطاقة النظيفة” منذ آلاف السنين، وأن الانتباه إلى هذا النوع من الطاقة لم يقتصر على السنوات القليلة الماضية وإنما ما حدث هو أن استخدامها تطور أكثر من ذي قبل في الآونة الأخيرة.
وذكر تقرير نشرته مجلة “ديسكفر” على موقعها على الإنترنت، واطلعت عليه “العربية Business”، أن “البشر استخدموا بعض أشكال الطاقة المتجددة التي نعتبرها حديثة منذ آلاف السنين، ولكن منذ الثورة الصناعية كانت الحضارة الإنسانية تعتمد في الغالب على الوقود الأحفوري”.
ويقول التقرير إن المصدر الأكثر انتشاراً وتجدداً للطاقة هو الشمس وقد استخدم الناس الطاقة الشمسية منذ فترة طويلة، ووفقاً لكتاب متخصص من تأليف جون بيرلين فإن حفريات القرى الصينية في العصر الحجري الحديث تُظهر أن القرويين بنوا منازلهم بفتحة واحدة تواجه الجنوب للسماح بدخول شمس الشتاء المنخفضة، وبأسقف من القش المتدلية لمنع شمس الصيف المرتفعة. وبحلول عام 4000 قبل الميلاد، كان الصينيون يدرسون حركة الشمس بالنسبة للأرض ويصقلون تقنيات البناء الشمسي الخاصة بهم.
واستغل الإغريق القدماء تصميم الطاقة الشمسية السلبية بشكل جيد أيضاً، حيث كان سقراط من أوائل المروجين للعمارة الشمسية، حتى إنه ذهب إلى حد عقد دروس لتعليم طلابه أساسيات التصميم الشمسي السلبي.
ويكتب بيرلين أنه قبل 2500 عام، كانت معظم المنازل اليونانية تعتمد على الشمس في التدفئة، كما استخدم الرومان القدماء هذه المبادئ أيضاً، وعندما أصبح الخشب نادراً بسبب إزالة الغابات، نشر الرومان كتباً تعلم الناس كيفية استخدام الطاقة الشمسية حتى يتمكنوا من توفير القليل من الخشب المتاح.
ويقول الكتاب إنه جنباً إلى جنب مع الخشب، استخدمت الثقافات القديمة الشمس لطهي طعامها، فمنذ زمن بعيد على الأقل مثل زمن كونفوشيوس، وربما قبل ذلك، استخدمت العائلات الصينية المرايا المقعرة لتركيز ضوء الشمس على الحطب لإشعال نيران الطهي. وفي المنازل الأكثر ثراءً، كما يوضح بيرلين، قاموا بتجميع الحرارة المهدرة من نيران الطهي هذه واستخدموا مدخنة لتحويلها إلى كانج، وهي منصة للنوم مصنوعة من مواد ذات خصائص امتصاص حرارة ممتازة، وبمجرد أن تسخن، تشع الكانج الحرارة طوال الليل، مما يجعل النائمين مرتاحين.
وتشير روزن بايول ليسوير، عالمة المصريات في جامعة ولاية نيويورك في بروكبورت، إلى أنه على الرغم من استخدام المرايا المقعرة في الصين، كان الخشب هو المصدر الأكثر شيوعاً للوقود في العالم القديم. لكن مصر لم تكن غنية بالخشب، حيث تقول إن المصريين، الذين استغلوا الموارد المحدودة التي كانت لديهم، صنعوا الفحم، وهي طريقة أكثر كفاءة لاستخدام الخشب للتدفئة. كما أحرقوا روث الحيوانات والمواد النباتية المجففة، مثل القش، كوقود بديل عندما لا يكون الخشب متاحاً.
ويلفت الكتاب إلى أن الشعوب القديمة استغلت الرياح أيضاً، ففي الصين القديمة، كانت طواحين الهواء تُستخدم لتشغيل مضخات المياه، وفي بلاد فارس القديمة، فيما يُعرف الآن بشرق إيران، كانت طواحين الهواء، المسماة “أسباد”، تلتقط الرياح القوية القادمة من الشمال والتي تهب باستمرار خلال أجزاء معينة من العام وتستخدمها لتدوير التروس لطحن الحبوب.
كما فهم المصريون الرياح أيضاً، واستخدموها للملاحة في نهر النيل، حيث يتدفق نهر النيل، أطول نهر في العالم، من الجنوب إلى الشمال.
ولكن الرياح السائدة هناك تهب من الشمال إلى الجنوب. وبالانتقال جنوباً مع الريح، كان العمال المصريون قادرين على السفر للعمل في المناجم والمحاجر في جنوب البلاد. ومن ثم، كان من الممكن نقل الموارد الثقيلة من المناجم والمحاجر، مثل الذهب والجرانيت، إلى الشمال على التيار. وتقول سوزان أونستين، عالمة المصريات في جامعة ممفيس في تينيسي: “ليس من المستغرب أن تكون العاصمة المصرية في الشمال لأنها نقطة النهاية لجميع تلك المنتجات القادمة من الجنوب”.
المصدر: العربية