بقلم: الصحفي والكاتب ستيفن صهيوني
تصاعدت المواجهة العسكرية المباشرة بين إسرائيل وإيران على مدى الأيام الستة الماضية، مما يمثل تحولاً خطيراً بعد سنوات من العداء عبر الوكلاء.
بدأت إسرائيل الحرب بهجوم غير مبرر على إيران يوم الجمعة الموافق 13 يونيو، عبر غارات جوية استهدفت قادة عسكريين إيرانيين وعلماء نوويين ومنشآت عسكرية.
وردت إيران بعدة موجات من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة.
ضرب كلا الجانبين مناطق سكنية بالإضافة إلى مواقع عسكرية، مما تسبب في سقوط قتلى وجرحى في البلدين. يدمر الدمار في كلا الجانبين مدى خطورة المواجهة.
كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد بدأ مفاوضات مع إيران بهدف التوصل إلى اتفاق جديد لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي. شنت إسرائيل الهجوم المفاجئ على إيران يوم الجمعة، بينما كان من المقرر أن يجتمع ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص لترامب إلى الشرق الأوسط، مع المفاوض الإيراني يوم الأحد في عُمان.
قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالتدخل في خطة ترامب لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي عبر المفاوضات الدبلوماسية السلمية.
حذر نتنياهو لمدة 33 عاماً، منذ عام 1992، من أن إيران على بعد أسبوعين فقط من صنع قنبلة نووية.
صرح المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، لشبكة CNN في 17 يونيو: “لم يكن لدينا أي دليل على وجود جهد منظم للانتقال إلى صنع سلاح نووي.”
يعقد ترامب اليوم اجتماعاً على أعلى مستوى في غرفة العمليات بالبيت الأبيض لتحديد ما إذا كانت الولايات المتحدة ستزود إسرائيل بسلاح تمتلكه الولايات المتحدة حصرياً، وهو القنبلة GBU-57، القادرة على تدمير المنشآت النووية في فوردو.
قال ترامب للصحفيين أمس إنه لم يتخذ قراره بعد. قارن المحللون القرار الذي يواجهه ترامب بقرار الرئيس هاري ترومان قبل أن يأمر بقصف ناغازاكي وهيروشيما.
من المقرر أن تعقد جلسة مفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران غداً، على أمل التوصل إلى حل دبلوماسي. حذر الخبراء من أن إسرائيل، بالتعاون مع الولايات المتحدة، قد تضرب إيران أثناء المفاوضات.
**أسوأ السيناريوهات المحتملة**
1. **تورط الولايات المتحدة وتصعيد إقليمي**
على الرغم من إنكار الولايات المتحدة، تتهم إيران واشنطن بدعم الضربات الإسرائيلية. إذا ردت إيران باستهداف القوات الأمريكية في العراق أو الخليج أو البعثات الدبلوماسية، فقد يجبر ذلك الولايات المتحدة على الرد عسكرياً. اتخذت الولايات المتحدة بالفعل إجراءات وقائية وأصدرت تحذيرات لطهران. أي سقوط ضحايا أمريكيين قد يضغط على إدارة ترامب للتوسع في التصعيد، مما قد يؤدي إلى حرب إقليمية أوسع.
2. **دول الخليج في مرمى النيران**
إذا فشلت إيران في إلحاق أضرار جسيمة بإسرائيل، فقد تحول تركيزها نحو دول الخليج المشتبه في مساعدتها للعمليات الإسرائيلية. قد تصبح البنية التحتية للطاقة والقواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة أهدافاً رئيسية. في مثل هذا السيناريو، قد تطالب دول الخليج بتدخل أمريكي، مما يعقد الصراع أكثر.
3. **فشل في تحييد البرنامج النووي الإيراني**
يواجه هدف إسرائيل المتمثل في تفكيك القدرات النووية الإيرانية تحديات كبيرة. قد تنجو منشآت رئيسية مثل موقع فوردو شديد التحصين – المدفون على عمق 800 متر تحت جبل قرب قم – من الضربات الجوية دون ذخائر أمريكية متخصصة لاختراق التحصينات. إذا احتفظت إيران بمخزوناتها من اليورانيوم المخصب، فقد تسرع برنامجها النووي كرادع، مما يفاقم التوترات.
4. **صدمة اقتصادية عالمية**
ارتفعت أسعار النفط بالفعل بعد اندلاع الأعمال العدائية. قد يؤدي أي تصعيد إضافي – مثل فرض إيران حصاراً على مضيق هرمز أو تعطيل الميليشيات الحوثية لشحنات البحر الأحمر – إلى أزمة اقتصادية عالمية، مما يفاقم التضخم ويفيد جهود روسيا الحربية في أوكرانيا بشكل غير مباشر.
5. **انهيار الحكومة الإيرانية**
يرى بعض المسؤولين الإسرائيليين أن “تغيير النظام” في طهران هدف استراتيجي طويل الأجل. بينما قد يرحب بعض أفراد المجتمع الإيراني بهذه النتيجة، فإن الانهيار المفاجئ للجمهورية الإسلامية قد يدفع البلاد إلى الفوضى، على غرار عدم الاستقرار الذي شوهد في العراق أو ليبيا ما بعد الحرب. بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي الخسائر المدنية من الضربات الإسرائيلية إلى تعزيز الدعم المحلي للحكومة الحالية. يشير معظم المحللين إلى عدم وجود معارضة سياسية إيرانية منظمة. يتوقع الخبراء أنه في حالة تغيير الحكومة في طهران، ستتشكل حكومة مشابهة جداً تعتمد على النظام السياسي نفسه.
**خطر حرب إقليمية أوسع**
يظل توسع الصراع مصدر قلق كبير. قد تستغل إيران وكلاءها الإقليميين – مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن – لضرب القواعد الأمريكية والمصالح الإسرائيلية. تشير الهجمات الصاروخية على المنشآت الأمريكية في العراق وتورط الحوثيين في ضربات انتقامية ضد إسرائيل إلى ظهور آلية تصاعدية.
يحذر الخبير الإيراني كليمان تيرم: “نشهد تدريجياً ظهور آلية لتوسيع الصراع. كلما طالت الحرب، زاد خطر اندلاع حرب إقليمية شاملة.”
**تراجع الدور الأوروبي**
وجدت الدول الأوروبية نفسها، التي جرى تهميشها خلال حرب غزة واستبعادها من المفاوضات الأمريكية الإيرانية، ذات نفوذ محدود في الأزمة الحالية. على الرغم من المحاولات السابقة لإحياء المحادثات النووية عبر اجتماعات سرية في جنيف، تفتقر أوروبا إلى النفوذ في تشكيل مستقبل الشرق الأوسط. يلاحظ محلل الأمن كلود مونيكيه أن رد فعل مجموعة السبع لا يزال غير مؤكد، مما يترك واشنطن وطهران كمتخذي القرار الرئيسيين.
يشكل الصراع بين إسرائيل وإيران مخاطر شديدة، من زعزعة الاستقرار الإقليمي إلى تداعيات اقتصادية عالمية. مع عدم ظهور أي علامات على تراجع أي من الجانبين، يظل احتمال مزيد من التصعيد مرتفعاً. يواجه المجتمع الدولي اختباراً حاسماً في منع حرب أوسع مع معالجة التوترات الكامنة التي تغذي هذا المواجهة الخطيرة.
ستيفن صهيوني هو صحفي وكاتب سوري امريكي مختص بالشأن الأمريكي والشرق الأوسط