بقلم الصحافي والكاتب، ستيفن صهيوني
في الوقت الذي تتجه فيه أنظار العالم الى الصراع الأوكراني، كانت كل من الطائرات والمروحيات والمسيرات التركية تدك أهدافًا كردية في العراق وسوريا يوم الاثنين. وكانت الأهداف عبارة عن معسكرات ومخازن ذخيرة ومنازل المدنيين كانت تتوسط مرمى النيران.ففي شمال شرقي سوريا، في ريف الحسكة، تعرض لقصفٍ مدفعي وغارات جوية مكثفة كلٍ من قرى أبو راسين وتل تمر والمبكير وقبور الغراجنة وتل شنان وتل الورد وربيعات ودادا عبد والنويحات والأسدية والخضراوي والمشيرفة.
تسبب الجيش التركي والمؤتمرين بأمرهم من المرتزقة الإرهابيين الإسلاميين المتطرفين في دمار هائل للعديد من المنازل والممتلكات، مما دفع الناجين المذعورين إلى الفرار من المنطقة باتجاه الحسكة. وحتى الآن لم يتم الإعلان عن عدد القتلى والجرحى.يتسبب الاحتلال التركي بأعمال العنف وسفك الدماء على الأراضي السورية، والتي تقطنها أغلبية عرقية سورية، إلا أنها ترزح تحت حكم عسكري وحشي لمجموعة من الأقلية. اذ يتحالف الجيش الانفصالي الكردي من قوات سوريا الديموقراطية (قسد)، ووحدات حماية الشعب الكردية (YPG) مع حزب العمال الكردستاني الإرهابي (PKK) والذي يتكون من شيوعين اكراد. ومما يزيد الأمور تعقيداً ونظرا لتنافس المصالح، تدفع حكومة الولايات المتحدة أجور مرتزقة قسد ووحدات حماية الشعب الكردية. اذ لا تستطيع قوات الحكومة السورية مهاجمة قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب لأنهما محميان من الولايات المتحدة، والتي لها قوات متمركزة في المنطقة، مانعين الشعب السوري من الاستفادة من آبار النفط السورية لتوفير البنزين المحلي.
حيث يوجد حاليا نقص حاد في مادة البنزين في سوريا بسبب احتلال القوات الأمريكية لآبار النفط.عانت تركيا لعقود من الإرهاب الذي مارسه حزب العمال الكردستاني، مودياً بحياة 40 ألف شخص، حيث صُنفت الجماعة كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. عندما أوجدت الولايات المتحدة قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب في شمال شرق سوريا، توغلت تركيا لمنع الأكراد من تشكيل “وطن” هناك، وهو ما يسميه الأكراد روج آفا، ويخضع لإدارة اشتراكية، بينما ينعُم بالدعم الأمريكي عسكريًا واقتصاديًا. على الرغم من أن كل من تركيا والولايات المتحدة شريكان في الناتو، إلا أن هناك نزاعًا طويل الأمد بينهما على خلفية الدعم العسكري الأمريكي لمجموعة إرهابية مصنفة.الاجتياح التركي للعراقإن العملية العسكرية التركية “عملية قفل المخلب” هي جزء من العمليات التركية طويلة الأمد في العراق وسوريا ضد مسلحي حزب العمال الكردستاني والميليشيات الكردية السورية، والتي تصنفها أنقرة على أنها جماعات إرهابية. حيث قصفت الطائرات والمدفعية الملاجئ في العراق والمخابئ والكهوف والأنفاق ومستودعات الذخيرة والمقرات التابعة لحزب العمال الكردستاني. وعبرت قوات الكوماندوس التركية الحدود إلى العراق اما برا أو تم نقلها بواسطة المروحيات.الاجتياح التركي لسوريادخلت تركيا سوريا في آب 2016 بآلاف القوات التركية والإرهابيين من الجيش السوري الحر، مدعومين بالمسيرات وسلاح المدفعية. وفي تشرين الأول 2019، أجرت تركيا “عملية نبع السلام” في شمال شرق سوريا.
ويهاجم الإرهابيون الذين توظفهم تركيا كمرتزقة القرى السورية بانتظام ويروعون السكان بينما يقاتلون الأكراد.أكراد سورياحاصرت قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب المدعومون من الولايات المتحدة مدينتي القامشلي والحسكة في شمال شرق سوريا. وقالت وحدات حماية الشعب إنها استولت على نحو 10 مكاتب حكومية تتراوح بين فروع المحلية للمالية والحبوب والتعليم في منطقة في وسط مدينة القامشلي في حين منعت لليوم السادس على التوالي دخول القمح والوقود إلى مدينة الحسكة.وقال غسان خليل، محافظ الحسكة، “إن قسد تمنع دخول القمح والمواد الغذائية والوقود اللازم لتشغيل المخابز وهذا ما يفاقم من معاناة الناس في هذه الأوقات الصعبة، ووجهت دمشق الاتهام الى وحدات الحماية الكردية بتجويع الناس.وحذر الوسيط الروسي في سوريا القوات الكردية من أن تركيا ستشن هجومًا على الدرباسية وعامود للوصول إلى القامشلي إذا لم ينهوا الحصار عن القامشلي والحسكة.الاتحاد الأوروبي يحاول إعادة تصنيف حزب العمال الكردستانيدعا الأمين العام للجنة المدنية الأوروبية في تركيا، مايكل إم. غونتر، إلى إزالة حزب العمال الكردستاني من قائمة المنظمات الإرهابية.وكتب غونتر، ” إن إزالة حزب العمال الكردستاني من القائمة لن يساعد في تجديد مفاوضات السلام بين تركيا وحزب العمال الكردستاني فقط، ولكنه أيضًا سينير (المنطقة الكردية السورية) في روج آفا على المدى الطويل، ويساعد في تخفيف حدة أزمة الناتو بين الولايات المتحدة وتركيا التي أججها صدام المصالح في سوريا “.ووفقا لتوجيهات واشنطن، يحاول الاتحاد الأوروبي إعادة تصنيف حزب العمال الكردستاني في سوريا لتبرير الدعم الأمريكي للأكراد في سوريا. ولكن وفقًا لخبراء مختصين بالشأن التركي، لن يقبل الرئيس أردوغان أبدًا تحول حزب العمال الكردستاني إلى كيان سياسي يتم التفاوض معه، بغض النظر عن علاقاته بواشنطن.تركيا ترحل لاجئين سوريينتقوم تركيا باعتقال اللاجئين السوريين وترحيلهم إلى سوريا. اذ يوجد في تركيا حوالي 3.7 مليون لاجئ سوري، وقد ألقى العديد من الأتراك باللوم على اللاجئين في الجرائم وارتفاع الأسعار والبطالة وانهيار الاقتصاد الذي أدى إلى فقدان العملة التركية قيمتها.ففي الآونة الأخيرة، صدر أمر بترحيل حمزة الحمامي، وهو لاجئ سوري يدير متجراً في اسطنبول، بعد اعتقاله على خلفية خلاف مع رجال أتراك. وهذه هي الحالة الأخيرة في قائمة تطول من عمليات الترحيل للسوريين.
فالسوريون هم من العرق العربي بينما الأتراك ليسوا كذلك. ويكمن التمييز العنصري في صميم أعمال العنف والترحيل، والتي تتعلل بذريعة اقتصادية لتبرير الأفعال.تركيا – سوريا وإعادة الاحياء بحسب وسائل إعلام تركية، حرييت، وتركيا وسوريا تجريان مباحثات لإصلاح العلاقة المقطوعة بين الجارتين. وتصر أنقرة على أنها ملتزمة بالحفاظ على وحدة سوريا، الأمر الذي يترجم إلى منع إنشاء أي “وطن” كردي، وعودة آمنة للاجئين السوريين.لقد كانت دمشق وأنقرة أقرب الجيران وتقاسمتا قدرًا كبيرًا من التجارة والاستثمار عبر الحدود. وكانت السياحة بين البلدين في أعلى مستوياتها على الإطلاق قبيل بدء هجوم الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي على سوريا من أجل “تغيير النظام”. وتم الاتفاق على تسيير التجارة الحرة والسفر بدون تأشيرة قبل مارس 2011 عندما اندلعت الحرب السورية في درعا. زار الرئيس الأسد الإمارات الشهر الماضي، وشجع ذلك تركيا على البدء في إصلاح علاقاتها مع سوريا فقد أعادت بعض الدول العربية بالفعل علاقاتها مع دمشق، وقد يشهد اجتماع جامعة الدول العربية المقبل المقرر عقده في تشرين الثاني شُغل مقعد سوريا على الطاولة مرة أخرى