أشار الصحفي المتخصص في الشأن الاقتصادي، خالد أبو شقرا، أن تعميم مصرف لبنان حول سحب الودائع بقيمة 3 آلاف دولار أو أقل بالليرة اللبنانية، بسعر السوق، من شأنه أن يحدث تضخما في ظل غياب خطة اقتصادية واضحة.
أصدر مصرف لبنان تعميمان، التعميم الأول هو رقم 148 الذي يحرر الودائع التي تتدنى عن 3 آلاف دولار أو 5 ملايين ليرة لبنانية ويدفعها بالليرة اللبنانية حصراً على أساس سعر السوق، وأتبعه بتعميم آخر رقم 149 حيث سيكون هناك منصة تجمع بين مصرف لبنان والمصارف التجارية والصرافين تتحدد على أساسها ما هو سعر السوق، ومن المتوقع أن يكون سعر السوق في الأسبوع الأول لهذه العملية 2600 ليرة لبنانية بالمقارنة مع السعر الموازي عند الصرافين والذي يبلغ اليوم بين 2800 و3000 ليرة لبنانية”.
وأضاف “هذه التعاميم صورت كأنها إنقاذ لصغار المودعين وأنها إطلاق سراح لودائعهم وما إلى هنالك، في الواقع هذه العملية لا تصنف ضمن هذه الخانة أو هذه الفرضية، لأن صغار المودعين ليسوا هم من يملكون 3 آلاف دولار أو 5 ملايين ليرة لبنانية، إنما صغار المودعين اليوم هم من حددهم المجلس النيابي عندما رفع ضمان الودائع من 5 ملايين ليرة إلى 75 مليون ليرة لحماية صغار المودعين كما عبر عنه آنذاك، وبالتالي صغار المودعيم يملكون 75 مليون وليس 5 ملايين، وعلى الأرجح أن هذه الحسابات الكبيرة التي ستحرر والتي تبلغ قيمتها تقريباً 61% من مجموع الحسابات في لبنان بقيمة 340 أو 350 مليون دولار هي لأشخاص لديهم توطين راتب أو توطين الفواتير كالهواتف والكهرباء والمياه وإلى ما هنالك من أمور”.
ولفت أبو شقرا إلى أنه “إذا افترضنا بأن معظم الأشخاص الذين يملكون هذا الرقم في الحسابات سيتوجهون إلى المصرف لأخذ أموالهم دفعة واحدة بالليرة اللبنانية فهذا من شأنه أن يخلق كتلة نقدية بالليرة اللبنانية، الأشخاص الذين سيأخذون أموالهم في الليرة اللبنانية سيتوجهون إلى الصيارفة لتحويلها إلى دولار لأنه لا يوجد ثقة في الليرة اللبنانية، وثانياً سيزيد طلبهم على السلع الموجودة في الأسواق وبالتالي اليوم في ظل العجز عن استيراد كميات إضافية من هذه السلع واضطرار التجار إلى استبدال الليرة اللبنانية بالدولار من الصرافين لكي يستوردوا من الخارج ما يؤدي إلى المزيد من ارتفاع الأسعار ومزيد من التضخم، ومن الممكن أن ندخل في حلقة من التضخم لا تنتهي، ومع ما يتبع هذه العملية من تصحيح للأجور للمداخيل والأجور، وهذا يؤدي إلى زيادة كتلة نقدية بالليرة اللبنانية وستؤدي بدورها إلى المزيد من التضخم”.
ورأى أن “هذا التعميم يفرض على المودعين دفع البطاقات والقروض وهذه الشريحة هي أكثر شريحة لديها ديون للمصارف وبالتالي لكي تحصل على أموالها نقداً تضطر إلى إقفال حساباتها”.
وأشار إلى أنه “من الممكن أن يصدر مصرف لبنان تعميماً آخراً لضم شريحة ثانية مثل المودعين الذين تتراوح حساباتهم من 3 آلاف إلى 100 ألف دولار يمنكهم أخذ ودائعم بالليرة اللبنانية حسب سعر السوق، هناك أحاديث أنه من الممكن أن يصدر قرار عن هذا الأمر، وهذا يعني ارتفاع أسعار وتضخم في ظل غياب خطة اقتصادية واضحة”.
واعتبر أن “المهزلة في هذا الموضوع هو أن 3 آلاف دولار تعادل ال 5 آلاف دولار، مودع لديه 3 آلاف دولار يستطيع أن يسحبهم على سعر السوق ب 2600 ليرة لبنانية وإذا مودع آخر لديه 5 آلاف دولار يسحبه على 1500 ليرة”.
وأكد أبو شقرا أن “غياب الخطة الاقتصادية وغياب الجرأة في الاعتراف بأن الدولة لا تستطيع النهوض بالإقتصاد لوحدها أو من دون مساعدة دولية ستزيد طول الأزمة الاقتصادية، طبعاً وعندما نقول أن الدولة مضطرة أن تطلب المساعدة، فإن الدول لن تساعدها وهذا برز بعدم دفع الدول التي التزمت ب”سيدر” ما عليها للبنان، نتيجة غياب الاصلاحات والحلول للمشاكل الاقتصادية، وبالتالي صندوق النقد الدولي يقول للحكومة اللبنانية حددوا الخطة الاقتصادية وابدأوا بالإصلاحات وتحديداً في ملف الكهرباء، إقفال معامل التهريب الجباية الضريبية ووضع حد لدعم سعر صرف العملة التي يكلف مصرف لبنان مبالغ هائلة وبالتالي يكون هناك أمل بمساعدة لبنان عبر حزمة مساعدات مالية تؤمن السيولة وتعيد بعد فترة سنتين الوضع الاقتصادي إلى حالته الطبيعية”.