بقلم الصحفي والكاتب: ستيفن نزار صهيوني
أودى استهداف حافلة عسكرية سورية بين بلدتي نبل والزهراء في الساعة 9:30 صباحاً يوم الجمعة بحياة 12 جندياً وإصابة 14. ونفذت جماعة “السلطان شاه” الإرهابية المدعومة تركياً الهجوم باستخدام صاروخ تاو المضاد للدبابات. وبموجب قرار من الكونغرس الأمريكي، أرسلت إدارة أوباما صواريخ التاو الأمريكية المضادة للدبابات إلى الإسلاميين الراديكاليين المتمركزين في شمال غرب سوريا.
نشر فرع تنظيم القاعدة في سوريا، هيئة تحرير الشام والمعروفة سابقاً باسم جبهة النصرة، مقطع فيديو على قناته على تلغرام، يوم الجمعة، يظهر صاروخاً يصيب حافلة. وتسيطر هيئة تحرير الشام على إدلب، وهي آخر ما تبقى من المناطق التي يسيطر عليها الإرهابيون في سوريا.
في عام 2017، أوقف الرئيس ترامب برنامج وكالة المخابرات المركزية الذي كان يمول الإرهابيين الإسلاميين الراديكاليين الذين يقاتلون للإطاحة بالحكومة السورية لإنشاء دولة إسلامية في سوريا ويمدهم بالأسلحة. وكان الرئيس أوباما قد افتعل الحرب على سوريا لتغيير النظام باستخدام الإرهابيين الإسلاميين الراديكاليين من سوريا وحول العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وبلجيكا وأستراليا.
بعد ساعات من الهجوم الأكثر دموية على قوات الحكومة السورية حتى الآن هذا العام، شن الطيران الحربي الروسي ضربات جوية على مناطق الإرهابيين في الشمال الغربي.
عانى الشعب السوري من الحرب المدعومة من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي من أجل تغيير النظام منذ مارس 2011. وتم استغلال جماعة الإخوان المسلمين في تركيا لتأسيس الذراع السياسية للإرهابيين، حيث اعترفت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالائتلاف السوري المعارض في اسطنبول باعتباره الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري. وتعتبر مصر والإمارات وروسيا وسوريا جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية. وحاول السناتور الأمريكي تيد كروز مرارًا وتكرارًا إقناع الكونجرس الأمريكي بالاعتراف بالإخوان المسلمين كمجموعة إرهابية، لكنه لم يفلح بسبب الدعم القوي للجماعة الإرهابية من قبل أعضاء الكونجرس، الديمقراطيين والجمهوريين. فالإخوان المسلمون حليفٌ لإسرائيل، وهي الحليفة الوثيقة للولايات المتحدة.
منذ الغزو التركي لسوريا عام 2018، أصبح شمال غرب سوريا على طول الحدود التركية ملاذًا آمنًا للجماعات الإرهابية الإسلامية الراديكالية التي تلقى الدعم الكامل من إدارة الرئيس أردوغان، الذي يرأس حزب العدالة والتنمية في تركيا، وهو حزبٌ حليفٌ للإخوان المسلمين.
انتهت الحرب السورية منذ مدة طويلة، الا أن إدلب لا تزال بؤرة ساخنة بسبب حماية واحتلال تركيا لها. فقد توصلت روسيا وتركيا إلى اتفاق في سوتشي يقضي بضرورة إبعاد تركيا للجماعات المرتبطة بالقاعدة عن المدنيين في إدلب، والسماح للشاحنات والسيارات المدنية باستخدام الطريق السريع M4 الذي يربط اللاذقية بحلب بأمان. ومع ذلك، لم تنفذ تركيا الجانب المناط بها من الاتفاقية، ولا يزال الطريق السريع غير آمن للاستخدام بسبب احتلال الإرهابيين الإسلاميين الراديكاليين المدعومين من النقاط الأمنية التركية.
واستهدف الطيران الروسي والسوري عدة مواقع لإرهابيي “السلطان شاه” رداً على الهجوم الدامي على الحافلة.
محمد الجاسم، الملقب أيضًا بأبو عمشة، وهو زعيم جماعة “السلطان شاه” الإرهابية المدعومة من تركيا والمعروفة بين الناس بفصيل العمشات. هتف في عام 2019، “شكرًا تركيا، شكرًا لك رجب طيب أردوغان”.
يكره الناس أبو عمشة لأن أعضاء فصيله يرتكبون جرائم حرب وينهبون المواطنين في عفرين وغيرها من المناطق التي تحتلها تركيا. فقد اختطفوا مواطنًا من قرية القناة، وطالبوا أقاربه بدفع 20 ألف دولار أمريكي لإطلاق سراحه. كما ابتزوا الأموال من المواطنين لوعدهم إياهم بالحماية.
منذ الاجتياح التركي عام 2018، والذي أطلقوا عليه اسم عملية غصن الزيتون، تدهور الوضع الأمني في سوريا في تلك المناطق التي تحتلها تركيا، مما سمح لمجموعاتهم الإرهابية الإسلامية الراديكالية، مثل “السلطان شاه” بالتحرك بحرية. اذ تقوم تركيا بحملة تطهير عرقي، حيث يتم إبعاد السوريين تحت تهديد السلاح باستخدام الجماعات الإرهابية لتسليم الأراضي والمنازل والشركات السورية للاجئين السوريين العائدين من تركيا والإرهابيين وعائلاتهم الذين تم إحضارهم إلى الشمال الغربي بموجب المفاوضات مع روسيا لتحرير المناطق الخاضعة لسيطرة الإرهابيين.
تم ترحيل اللاجئين السوريين في تركيا وإعادة توطينهم في عفرين ومناطق الاحتلال التركي. عفرين منطقة زراعية بين إدلب وحلب تشتهر بأشجار الزيتون وإنتاج زيت الزيتون. وسمحت تركيا للإرهابيين ومنهم جماعة “السلطان شاه” بسرقة زيت الزيتون وإرساله إلى تركيا ليتم بعد ذلك تعبئته وبيعه داخل تركيا وخارجها كمنتج تركي. فقد شاهد الزبائن في لوس أنجلوس زجاجات زيت زيتون تحمل لاصقات على أنها مصنوعة في كسب وعفرين وتبيعها شركات تركية في الولايات المتحدة.
يجب تسمية احتلال تركيا لسوريا بعملية زيت الزيتون وليس عملية غصن الزيتون. وتمر تركيا بأزمة اقتصادية داخلية، وكان أردوغان بحاجة إلى وسيلة لدعم الإرهابيين الذين كان يستخدمهم في سوريا ماليًا، لذا فإن بيع زيت الزيتون المسروق هو الطريقة التي يستخدمها. ولكن سرقة زيت الزيتون ليست سوى مصدر واحد.
فقد تم العثور على آثار سورية باستخدام الجرافات والحفارات التركية التي يديرها إرهابيو جماعة “السلطان شاه” وآخرين، ونقل القطع الأثرية القيمة إلى تركيا وبيعها لتجار الآثار في الولايات المتحدة وأوروبا. فهذه العائدات غير المشروعة تدر أكثر بكثير من زيت الزيتون المسروق.
وتبتز جماعة “السلطان شاه” الضرائب من أصحاب الجرارات الزراعية والآلات الزراعية. كما تبتز الأموال من أقارب أولئك الذين اختطفتهم على شكل فدية التي تصل أحيانًا إلى 200 ألف دولار أمريكي. وأوجدت الجماعة ضريبة متدرجة على جميع الأراضي الزراعية: وهي 15٪ و25٪ و35٪ من إنتاج المحاصيل تدفع للإرهابيين.
في آب 2021، كرّم رئيس الائتلاف السوري المعارض، سالم عبد العزيز المصلط، رئيس “السلطان شاه”، أبو عمشة ومنحه وسام الشرف. هذا هو ائتلاف المعارضة المدعوم من الولايات المتحدة، والذي يعتبره الرئيس بايدن والكونغرس الأمريكي الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري. تم توثيق جماعة “سلطان شاه” بشكل جيد من قبل جماعات حقوق الإنسان والجماعات الدولية الناشطة على أنها نفذت جرائم قتل وخطف وابتزاز وتطهير عرقي. وتم توثيق جماعة “السلطان شاه” بشكل جيد من قبل جماعات حقوق الإنسان والجماعات الدولية الناشطة على أنها نفذت جرائم قتل وخطف وابتزاز وتطهير عرقي.
عندما يدفع الأمريكيون ضرائبهم، هل يفكرون يومًا إلى أين ستذهب أموال ضرائبهم؟ فالبيت الأبيض والكونغرس الأمريكي هم ملك للشعب الأمريكي، والشعب الأمريكي هو المسؤول عن جرائم الحرب والفظائع التي ترتكب في الخارج من قبل الجماعات المدعومة من الولايات المتحدة. فالرئيس بايدن، والرئيس أوباما، وهيلاري كلينتون، وجون كيري وآخرون ولمدة 11 عاماً قد تغنوا بشعار، “الحل السياسي هو الحل الوحيد لسوريا”. ومع ذلك ، فإن المجموعة التي تعترف بها الولايات المتحدة على أنها الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري تقوم بتسليم وسام الشرف لمجرم حرب موثق وقاتل وخاطف ومبتز. اذ يتم تسويق القيم الأمريكية كالحرية والديمقراطية والعدالة. وقد أصبحت كلمة القيم الأمريكية عبارة جوفاء ومصدراً للتهكم والسخرية للناس في جميع أنحاء سوريا.