أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير قصي الضحاك وجوب تحرك مجلس الأمن بشكل فوري لوقف اعتداءات كيان الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي السورية وضمان عدم تكرارها، مشدداً على ضرورة اتخاذ المجلس إجراءات حازمة وفورية وإصدار قرار واضح وغير قابل للتأويل يلزم الاحتلال بوقف عدوانه على فلسطين ولبنان، ولجم الكيان والتصدي لمحاولاته اجتياح الأراضي اللبنانية.
وفيما يلي النص الكامل للبيان الذي ألقاه السفير الضحاك الليلة خلال جلسة لمجلس الأمن حول الحالة في الشرق الأوسط: إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي لا تصغي لمجلسكم، وتواصل استهتارها بالأمم المتحدة والقانون الدولي، وارتكاب المزيد من أعمال العدوان والجرائم الوحشية، وتمعن في سفك دماء المدنيين الأبرياء.
إن هذا السلوك الهمجي الإسرائيلي، وتوسيع كيان الاحتلال لنطاق عدوانه ليشمل لبنان، وتكثيف اعتداءاته على الأراضي السورية وعلى دول أخرى في المنطقة، هو نتيجة يقين سلطات الاحتلال بأن هناك في هذا المجلس من يحول دون نهوضه بولايته وقيامه بأي خطوات فاعلة لوقف العدوان، ووضع حد للجرائم الإسرائيلية، وأن ما اعترى عمل المجلس من عجز ومماطلة حيال الوضع في غزة من الممكن أن يتكرر في حالة لبنان، وهو ما ينبغي تجنبه وعدم السماح بتكراره.
إنه من غير المقبول لا بل من المعيب أن البعض في هذا المجلس ممن نصّب نفسه مدافعاً عن حقوق الإنسان لا يرى ضيراً في استباحة كيان الاحتلال لمبادئ ومقاصد الميثاق وانتهاك أحكام القانون الدولي، لا بل إنه يقوم بتشويه الحقائق ليجعل من المجرم ضحية، ومن العدوان السافر ممارسة مزعومة للدفاع عن النفس، ولا يتورع عن تقديم شتى أشكال الدعم لتمكين كيان الاحتلال من مواصلة أعماله العدوانية وجرائمه الوحشية، وتهديد السلم والأمن الإقليميين والدوليين.
وفي الوقت الذي أدانت فيه الأغلبية العظمى من الدول الأعضاء حرب الإبادة الجماعية والجرائم التي ارتكبها الاحتلال في غزة، فإن مجرمي الحرب في الكيان يهددون علناً بجعل لبنان غزة أخرى، لذلك فإن المطلوب من المجلس اليوم ليس مجرد الاكتفاء بعدّ أيام العدوان وإحصاء أعداد الضحايا، وإنما التحرك الفوري والجاد لوقف العدوان الإسرائيلي الهمجي على لبنان والذي استهدف آلاف المدنيين الأبرياء والصحفيين والطواقم الطبية والإنسانية، ونشر الموت والدمار في مناطق بأكملها، وسوّى أبنية وأحياء سكنية بالأرض، وهجّر مئات الآلاف من قاطنيها داخل وطنهم وإلى سورية.
إن الاستهداف المتعمد للمدنيين والاستخدام المكثف للأسلحة الثقيلة، والقنابل ذات القدرة التدميرية الهائلة في مراكز المدن والأحياء السكنية المكتظة بالمدنيين، وما يرافق تلك الأعمال الوحشية من دعوات يطلقها مسؤولو الاحتلال للقتل الجماعي واستخدام الأسلحة المحظورة بما فيها تلك ذات الدمار الشامل، يعكس بوضوح الطبيعة العدوانية للاحتلال وممارساته الإجرامية التي زعزعت أمن واستقرار المنطقة على مدى عقود، وحالت دون عيش أبنائها في جو من الرفاه والازدهار.
وبالتزامن مع تصعيد العدوان الإسرائيلي على لبنان كثفت سلطات الاحتلال الإسرائيلي اعتداءاتها على الأراضي السورية حتى باتت شبه يومية، وطالت خلال الأيام القليلة الماضية عدداً من الأبنية السكنية في العاصمة دمشق، ما أسفر عن استشهاد 15 مدنياً أغلبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة العشرات بجروح، ناهيك عما سببته من ترهيب للمدنيين الآمنين، وما ألحقته من خسائر مادية وأضرار كبيرة في الممتلكات الخاصة والعامة.
لقد استهدفت تلك الاعتداءات الإسرائيلية أيضاً الطريق الدولي الذي يربط بين دمشق وبيروت والذي يسلكه آلاف القادمين يومياً من لبنان الشقيق هرباً من آلة القتل الإسرائيلية، الأمر الذي تسبب بمعاناة إضافية لهم فاقمت معاناتهم الإنسانية الناجمة عن التهجير، كما طالت الاعتداءات الإسرائيلية منشآت اقتصادية ومركزاً لتجميع المساعدات الغذائية والطبية للوافدين من لبنان في مدينة حسياء الصناعية.
إن بلادي سورية إذ تشدد على حقها في الدفاع عن سلامة أراضيها بكل الوسائل التي يكفلها القانون الدولي فإنها تطالب مجلس الأمن بالتحرك الفوري لوقف تلك الاعتداءات وضمان عدم تكرارها.
وتجدد بلادي الإعراب عن تضامنها القوي مع لبنان الشقيق الذي يواجه مأساة إنسانية طارئة جراء العدوان الإسرائيلي.
وبالرغم من التحديات التي تواجهها والإجراءات القسرية الانفرادية غير الإنسانية، فقد اتخذت سورية الإجراءات اللازمة لتقديم المساعدة الإنسانية لجميع الوافدين إلى أراضيها من لبنانيين وسوريين ورعايا دول ثالثة والذين تجاوزت أعدادهم 350 ألفاً، من بينهم نحو 100 ألف لبناني،
والآلاف من الوافدين العرب والأجانب، حيث قامت اللجنة العليا للإغاثة بإصدار القرارات اللازمة وتوفير التسهيلات لدخولهم ومساعدتهم، بما في ذلك إقامة مراكز الاستجابة الإنسانية على المعابر الحدودية بالتعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والهلال الأحمر العربي السوري والجمعيات الأهلية السورية، وتجهيز مراكز الإيواء لاستضافتهم فيها إلى جانب منازل المواطنين السوريين الذين فتحوا أبواب منازلهم لاستضافة أشقائهم، وتوفير الرعاية الصحية والخدمات الطبية التي تجاوزت 20 ألف خدمة، وتقديم السلل الغذائية والمساعدات الإنسانية غير الغذائية وخدمات النقل والاتصالات والاستشارات القانونية والتزويد بالوثائق الرسمية ومنح الإعفاءات الجمركية وغيرها من الخدمات الأساسية مجاناً.
تتطلع سورية إلى استجابة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة للنداءات ذات الصلة التي أطلقها المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وتؤكد سورية ضرورة اتخاذ المجلس إجراءات حازمة وفورية، وإصدار قرار واضح وغير قابل للتأويل والمماطلة يلزم سلطات الاحتلال الإسرائيلي بوقف عدوانها على فلسطين ولبنان، ولجم كيان الاحتلال والتصدي لمساعيه الرامية لاجتياح الأراضي اللبنانية بما يمثله ذلك من انتهاك سافر لسيادة للبنان ووحدة وسلامة أراضيه وتهديد جسيم لأمنه واستقراره.
كما تؤكد بلادي على ضرورة مساءلة “إسرائيل” وضمان عدم إفلاتها من العقاب، ووضع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالصراع العربي – الإسرائيلي وفي مقدمتها القرارات 242، و338، و497 موضع التنفيذ انطلاقاً من المسؤولية الأساسية التي أناطتها الدول الأعضاء بمجلس الأمن لحفظ السلم والأمن الدوليين.
إن محاولات كيان الاحتلال كسر إرادة شعوب المنطقة، ودفعها للتخلي عن حقوقها الراسخة في مقاومة الاحتلال واستعادة أراضيها المحتلة، لن يكتب لها النجاح، وهذا ما تؤكده حقائق التاريخ، فالكلمة الفصل ستكون دوماً لأصحاب الأرض مهما طال الاحتلال وأمعن في جرائمه وطغيانه.
المصدر: سانا